ظاهرة "الدموع الزرقاء" أمام سواحل تايوان.. ما هي؟ وكيف تحدث؟
ظاهرة "الدموع الزرقاء" أمام سواحل تايوان.. ما هي؟ وكيف تحدث؟

في ليالي الصيف، تتوهج المياه المحيطة بجزر ماتسو التايوانية بتوهج أزرق غريب يجذب الزائرين لمشاهدته والاستمتاع بجماله ليلا. ويأتي السياح من جميع أنحاء الصين لمشاهدة هذا الشريط البحري الأزرق المتلألئ.
هذه الظاهرة المعروفة باسم "الدموع الزرقاء"، سببها ازدهار مخلوقات صغيرة مضيئة حيويا (تشع ضوءا ذاتيا من أجسامها) تسمى السوطيات الدوارة. وقد يكون ازدهار الدموع الزرقاء المتلألئة في بحر الصين الشرقي ظاهرة غريبة وجميلة، لكنها تخفي سموما وراء جمالها تنمو وتزداد كل عام.

فوفقا لدراسة حديثة نشرت يوم 12 يونيو/حزيران الجاري في مجلة "جيوفيزيكال ريسيرش ليترز"، وجد علماء من الصين والولايات المتحدة أن هذه الكائنات السامة التي تهدد الحياة البحرية أصبحت أكثر وفرة في السنوات الأخيرة.

وقال تشانمين هو عالم المحيطات بجامعة جنوب فلوريدا والمؤلف المشارك بالدراسة في حديث لموقع "لايف ساينس" إن الناس يعتقدون "أن هذا أمر رومانسي وجميل لمشاهدته ليلا.. لكنه سام".

السوطيات الدوارة
تنتمي السوطيات الدوارة إلى شعبة الطحالب النارية، وهي من الكائنات الوحيدة الخلية التي تعيش في المياه العذبة، ويعيش بعضها في المياه المالحة، وتكوّن علاقات تكافلية مع المرجان وقنديل البحر والرخويات.

وتؤلف السوطيات الدوارة جزءا من كتلة الكائنات المعروفة بالعوالق المائية الموجود في المياه الساحلية في الكثير من أنحاء العالم، ويحتاج بعضها إلى ضوء الشمس والمواد الغذائية غير العضوية للنمو، وبعضها الآخر يبتلع البكتيريا والجراثيم والعضويات الدقيقة الأخرى.


هذه الكائنات في الواقع ليست سامة بحد ذاتها، لكن الطحالب السامة هي طعامها المفضل، وعندما تأكلها تطلق الأمونيا والمواد الكيميائية الأخرى التي تسمم الماء من حولها.

ليس ذلك فحسب، ولكن هذه المخلوقات تتنفس الأكسجين حتى لا يتبقى أي شيء منه في المياه المحيطة. وقال تشانمين هوْ إن "الأكسجين الموجود في الماء منخفض للغاية لدرجة أن العديد من الحيوانات يمكن أن تموت".


 
بصمة فريدة
وقد طور العلماء طريقة لتتبع العوالق المضيئة في المياه الساحلية للصين. واستخدم هوْ وفريقه من الباحثين بيانات الأقمار الصناعية لتتبع حجم ازدهارها مع مرور الوقت.

ومن خلال تحليل قرابة ألف صورة من صور الأقمار الصناعية التي التقطت في السنوات الـ19 الماضية، تمكن الباحثون من التعرف على بصمة فريدة من نوعها للدموع الزرقاء.


السوطيات الدوارة أو الدموع الزرقاء ليست سامة فحسب وإنما تتنفس الأكسجين الموجود في المياه (مواقع التواصل)
السوطيات الدوارة أو الدموع الزرقاء ليست سامة فحسب وإنما تتنفس الأكسجين الموجود في المياه (مواقع التواصل)
وقال هوْ إن الأطوال الموجية الضوئية تنعكس من هذا الكائن فقط لا من غيره من الكائنات الأخرى، بما يشبه "بصمة الأصبع". وباستخدام هذه البصمة، وجدوا أن الازدهار الذي يُرى عادة قرب الشاطئ، يمتد مداه إلى المياه العميقة.

تلمع العوالق باللون الأزرق الفاتح عندما تشعر بالانزعاج، ويمكن رؤية الأضواء الزرقاء بعد حلول الظلام على العديد من شواطئ تايوان. وعلى الرغم من أن "الدموع الزرقاء" تبدو جذابة، وأصبحت مؤخرا من المعالم السياحية الرئيسية في البلاد، فإنها في الواقع سامة وتمثل تهديدا للبشر، ويمكن أن تسمم الحياة البحرية، من الأسماك إلى السلاحف البحرية.

تهديد للحياة البحرية
سبب الدموع الزرقاء غير مؤكد، لكن الباحثين يعتقدون أن التلوث الناجم عن الزراعة التي تمر عبر نهر يانغتسي يلعب دورا رئيسيا، ويمنح الدموع الزرقاء جرعات هائلة من العناصر الغذائية التي تحتاجها للنمو.

ولاحظ الباحثون أن حجم الازدهار كان منخفضا بشكل خاص أثناء بناء سد الممرات الثلاثة المثير للجدل، بين عامي 2000 و2003.

وحدث أن انخفض تدفق نهر يانغتسي بشكل ملحوظ خلال تلك السنوات. وفي العام 2003 عندما اكتمل بناء السدود وبدأ النهر يتدفق بقوة أكبر مرة أخرى، رأى الباحثون أن الازدهار بدأ ينمو مرة أخرى.

ولا يتوقع الباحثون أن يتوقف نمو الدموع الزرقاء في أي وقت قريب، وهذا يعني أنها ستستمر في تهديد الحياة البحرية، وستتوهج المياه بشكل أكثر تألقا في السنوات المقبلة.

المصدر : الجزيرة

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع الملتقى بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير نأمل ان تعجبكم